يشكّل الاقتصاد الاجتماعيّ والتضامني موضوعا هاما ورافعة أساسية للعمل تكْتسي أولويّة لفائدة الإدماج وتقليص التفاوتات وتحْقيق النموّ المتوازن والمُستدام. ويعْملُ الاقتصاد الاجتماعيّ والتضامنيّ على التوفيق بين مبادئ الإنصاف والعدالة الاجتماعية وبين التطوّر الاقتصاديّ، ومن ثمّ التوْفيق بين حيويّة الديناميات الاقتصاديّة وبين المبادئ والغايات الإنسانيّة للتنمية. وبناءً عليه، فإنّ الاقتصاد الاجتماعيّ والتضامني هو الدّعامة الثالثة التي ينبغي أنْ يقُومُ عليها الاقتصاد المتوازن والمُدْمِج، إلى جانب القطاع العموميّ والقطاع الخاص. وينْطوي هذا الاقتصادُ على ما يكفي من الإمكانات والوسائل التي تجعله قادراً على تعْبئة وتوفيرِ ثرواتٍ هامّة، مادّية وغيْر مادّية.
ويمكّن الاقتصادُ الاجتماعيّ والتضامنيّ من تعزيز إقامة توازنٍ جيّد على مستوى الاستثمارات، كما يُعدّ فرصة سانحة تجعل جميع الشرائح الاجتماعية، والمقاولات من مختلف القطاعات والمجالات، تساهم في تعزيز التماسُك الاجتماعيّ وتحسين النموّ الاقتصاديّ.
غير أنّ النسبة المتدنّية لنشاط الساكنة، والطّابع غير المُهيْكَل الذي يُهيْمن على جزْء كبير من علاقات العمل، والهشاشة الكبيرة الناتجة عنها (أجور متدنّية، انعدام عقود العمل، غياب الحماية الاجتماعية …)، وكذا التفاوت الكبير بيْن الوسط الحضريّ والوَسَط القرويّ، كلّها عواملُ لا تشجّع على تحْسين الظروف المعيشية لجزْءٍ كبير من السّاكنة. وبالتالي، فالمغرب يحتلّ المرْتبة 127 من أصل 187 بلدًا على مستوى مؤشر التنمية البشرية.
ويترتّبُ على ذلك أنّ المغرب تُواجِهه تحدّيات كبْرى ملحّة في مجال الإدماج الاجتماعي، وفي مجال الإدْماج الترابي.
وقدْ تمّ الاعتراف، بصورة كبيرة، بالطابع الاستعجاليّ لضرورة التقليص من معدّل الفقر في المغرب، والحدّ من التفاوتات بيْن الأغنياء/ الفقراء، والتفاوتات على مستوى الدّخل، وفي التقليص من نسبة البطالة، وتحسين ظروف العمل، والتقليص منْ نسبة الهدْر المدرسيّ، ومُحاربة الأمية، وفي معالجة مسألة التفاوتات بين الجنسيْن، وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحيّة والبنيات التحتيّة.
كما أن هناك تحديات أكثر ضغطا تتعلّق بالتقليص من التفاوتات الموجودة بيْن المناطق القروية والمناطق الحضرية، وتحسين الولوج إلى البنيات التحتيّة وخدمات التربية والتعليم والصحّة في المناطق القروية.
فإلى جانب القطاع العموميّ والقطاع الخاصّ، يسعى الاقتصادُ الاجتماعيّ والتضامنيّ إلى أنْ يعطيَ نَفَساً جديداً للنمو الاقتصادي من خلال مساهمته في إيجاد حلولٍ لجزْء كبير من تحديّاتِ الإدْماجِ.
من خلال كل ما سلف، تتجلى بوضوح أهمية وضرورة تعبئة الذّكاء الجماعيّ من أجل تشخيصٍ صحيح لواقع الحال بخصوص الاقتصاد الاجتماعيّ والتضامنيَّ في المغرب، للوقوف على أهم الاشكاليات واستشراف أهم الافاق، فضْلاً عن القيام ببلْوَرَة مُقترحات وتدابير عمليّة من شأنها تمْكين هذا الاقتصاد منْ لعب دوره في تحقيق التنمية المندمجة
يوم الخميس 26 يوليوز 2018 على الساعة الخامسة بعد الزوال بمقر الجمعية بشارع الجزائر حسان الرباط.
Soyez le premier à commenter