الجمعة 10 يناير 2020
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، جامعة محمد الخامس بالرباط
نظم مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية يوم الجمعة 10 يناير 2020 مائدة مستديرة في إطار الدراسة التي يقوم بها حاليا حول الحريات النقابية وحماية حق التنظيم النقابي بالمغرب في أفق إمكانية انضمامه إلى اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 والتي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 9 تموز/يوليه 1948، في دورته الحادية والثلاثين تاريخ بدء النفاذ: 4 تموز/يوليه 1950، وفقا لأحكام المادة 15.
حضر اللقاء ممثلي مركزيات نقابية ومنظمات حقوقية وجمعيات المجتمع المدني، وأساتذة جامعيون، وخبراء وصحفيون وطلبة باحثون.
ولقد تم التذكير في البداية على أن الدراسة التي يقوم بها المركز عن واقع حال الحريات النقابية في المغرب تندرج في إطار الترافع لانضمام المغرب للاتفاقية رقم 87لمنظمة العمل الدولية، ثم تم التأكيد على أن لا دراسة ممكنة من منظور العلوم الاجتماعية بذون استشارة ومعرفة واستقصاء آراء النقابات ومختلف المتدخلين في الموضوع ومطالبهم وكذا آراء فاعلين آخرين مباشرين أو غير مباشرين -أخصائيين، باحثين و مجتمع مدني حقوقي- ورصد نقاط القوة والمكتسبات والرهانات المحيطة بمسألة الحريات النقابية وحق التنظيم النقابي، بارتباط بالمرجعيات الدستورية والقوانين المغربية والمواثيق الدولية والممارسات الواقعية وكذا معايير ومبادئ حرية تأسيس النقابات وبشكل خاص الحريات المدنية؛ الحق في التنظيم؛ حل النزاعات؛ تدخل الدولة؛ التمييز ضد النقابات؛ المفاوضات الجماعية؛الاستشارة.
في معرض النقاش تم التأكيد على أنه رغم البلقنة (34 نقابة مرخص لها) وبعض الاختلالات في الجسم الداخلي للعمل النقابي تبقى النقابات العمالية والحركة النقابية المغربية حركة أصيلة ومساهمة فعالة في الحوار المجتمعي والصيرورة الديمقراطية.
يبدو أن لا شيء في التشريع والقوانين المغربية يمنع الانخراط النقابي، لكن من ناحية أولى لا توجد رغبة لدى المشرع لقبول مبدأ التنظيم النقابي للموظفين حاملي السلاح أو شبه حامليه والقضاة. ومن ناحية أخرى يظهر أن القوانين غير متكافئة في عدد من المجالات، مثلا العلاقة بين العمال وأرباب العمل، ومرونة مدونة الشغل لصالح المشغل بالإضافة الى وجود حالات كثيرة للطرد بسبب الانتماء النقابي لدى العمال والأطر. فضعف تمثيلية النقابات (5% فقط) يرجع لخوف العمال من الطرد. كما تم التأكيد على أهمية التنسيق النقابي وتفعيل الحوار الاجتماعي.
كما تم التطرق لعدد آخر من الأسباب، منها: الجانب السياسي والدوافع السياسية التي تدخل فيها مكونات التركيبة السياسية والتي تحول دون الانضمام للاتفاقية، بالإضافة للخلفية الفكرية والسياسية التي تؤثر أيضا في هذه العملية. وتمت الدعوة إلى تطهير القانون الجنائي من كل ما يمس الحركة النقابية والطبقة الشغيلة وخاصة إلغاء الفصل 288.
خلال النقاش أثيرت مجموعة من الاكراهات والعراقيل التي تمس الميدان النقابي، ومنها عدم التصديق على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالعمل النقابي وعلى رأسها الاتفاقية رقم 87، مع التأكيد على ضرورة الحوار المجتمعي في مسألة الحريات النقابية.
في تفاعل آخر تم التذكير بأن المغرب لديه تجربة في الترافع الاكاديمي وإصدار تقارير ودراسات موازية خاصة التي تدخل ضمن إطار الجامعة وتفتحها على محيطها، مع التأكيد على ضرورة إدراج مسألة التكلفة الاجتماعية لعدم تصديق المغرب على الاتفاقية رقم 87 في الدراسة التي يقوم بها المركز، ذلك ان الثمن الاجتماعي ملموس وباهض ومن أمثلته الحية ارتفاع نسبة البطالة بفعل الطرد من الشغل لأسباب الانتماء النقابي، الإحساس بالقهر الذي يرتفع بسبب الطرد من العمل، وكذلك تزايد نسبة العنف الاسري التي تتزايد بسبب عدم الاستقرار في الشغل، وبالتالي فإن عدم التصديق على الاتفاقية ينم عن مشاكل اجتماعية عويصة جدا، بالإضافة لتزايد نسبة هجرة اليد العاملة، هشاشة سوق الشغل وتنامي القطاع غير المهيكل.
طرحت إشكالية الحريات النقابية وحماية حق التنظيم النقابي عدة تساؤلات، من بينها:
- هل مع مقتضيات الدستور، خاصة الفصل 111 الذي يمنع القضاة من الانتماء النقابي، فإن المغرب لا يمكنه دستوريا المصادقة على الاتفاقية رقم 87؟
- هل الانضمام إلى الاتفاقية رقم 87 لن يفيد في شيء سوى بعدهالرمزي فقط؟
- هل وجب قبل المصادقة على الاتفاقية إلغاء القوانين المناقضة لها مثل قانون السخرة الذي لا زال ساري المفعول منذ الحقبة الاستعمارية؟
- هل السهر على تطبيق مقتضيات مدونة الشغل الحالية رغم نقائصها هو أولوية الأولويات؟
- إذا كان العمل النقابي مهما، فأين هي النقابة حيث يبدو أنها تعاني من الداخل؟
- أين هو قانون النقابات؟
- هل في المغرب هناك تضييق على تأسيس نقابات أرباب العمل أم لا؟ لأن الاتفاقية رقم 87 تهم أيضا حرية التأسيس والتنظيم لنقابات أرباب العمل؟
- ماهي مكانة المشغل الأكبر في المغرب (المقاولة الصغرى جدا والصغرى والمتوسطة) من قضايا حرية التأسيس والتنظيم لمختلف أنواع النقابات؟
- ماهي وضعية التنظيم النقابي والطبقة العاملة في القطاع غير المهيكل؟
- كيف يمكن فهم إشكالية الأساتذة المتعاقدين ومن تم قضية التنسيقيات التي أضحت نقابات موازية؟
- ماهي العلاقة بين الحرية النقابية وتقييد الاضراب؟
ظهر من خلال النقاش الافاق التالية
- في موضوع التعارض الدستوري مع الاتفاقية رقم 87، فقد أكد أحد المتدخلين على أن الاتفاقيات الدولية تلزم المغرب بتعديل دستوره كمخرج قانوني في هكذا حالات.
- خلال المناقشة تم التأكيد أيضا على أنه يمكن للمغرب أن ينضم للاتفاقية رقم 87 مع تسجيل تحفظاته على الفصول التي لا تتماشى مع قوانينه الداخلية، وبالتالي هناك مخرج وإمكانية أعطاها المنتظم الدولي.
- حول القطاع غير المهيكل، تمت الإشارة الى أن هذا القطاع يفرض واقعا لا مفر منه (يمثل قاعدة كبيرة) ووجب الاعتراف به وتنظيمه لا لمأسسته ولكن لتحسين ظروف الاشتغال به وبالتالي هيكلته.
- في موضوع التنسيقيات تختلف الآراء. من ناحية أولى شدد أحد المتدخلين على أنها تساهم في تفكيك الجسم النقابي، باعتبارها لا تنوب عن النقابات، مع دعوة النقابات إلى تجديد جسمها النقابي والتفتح على الحركات الاجتماعية. ومن ناحية أخرى تم التأكيد على دورها كقوة ضاغطة كتنسيقية الأساتذة المتعاقدين على سبيل المثال.
- في رأي آخر تم التأكيد على المقتضيات التي يجب توظيفها واستثمارها لتطوير العمل النقابي من الناحية القانونية، كمدونة الشغل التي تتوفر على فصول مهمة يجب استثمارها لتطوير العمل النقابي وتكريس الدور المنوط به.
- استقلال النقابات عن الأحزاب والفاعل الحزبي، وهنا وجب توضيح العلاقة بين السياسي والنقابي.
- التأكيد على ضرورة أن تكون النقابة مؤسسة نفعية، دفاعية، اجتماعية ومستقلة.
- التساؤل عن أين هو قانون النقابات؟ حيث أن النقابات لازالت تشتغل بقوانينها الداخلية وهذا لم يعد جائزا في عالم الحداثة حيث يجب أن تكون لدينا نقابة يؤطرها قانون وقوية تنظيميا. الشيء الذي يعني أن التسيير يبدو انه لايزال مزاجيا في الواقع المغربي وغير مؤطر بقانون.
- تمت الدعوة من طرف البعض إلى مراجعة المؤشرات الموضوعية من أجل معرفة مدى فعالية عمل الهياكل النقابية وإعمال قانون يضمن استقلالية النقابات.
- وفي الحديث عن التكلفة الاقتصادية لعدم التوقيع على الاتفاقية رقم 87، يتضح انها تكلفة كبيرة، ذلك أنه كيف لعامل لا يتوفر على حقوقه وحريته أن يشتغل بطريقة مريحة وذات مردودية اقتصادية، ونفس الشيء بالنسبة لنظام التعاقد في التعليم فهو ينتج هشاشة.
- كما تم التأكيد على أن الانضمام للاتفاقية رقم 87 هو قرار سياسي بامتياز، مرتبط بالتوازنات السياسية والدولية، وبهذا يجب توفر الإرادة السياسية من أجل الانضمام للاتفاقية.
- مسألة الانضمام للاتفاقية رقم 87 هي مسألة أساسية لضمان الاستقرار وخلق جو من الثقة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب والنقابات والجمعيات.
- المطالبة كذلك بزيادة عدد مفتشيات الشغل وتوسيع صلاحياتها من أجل توفير بيئة ملائمة لتفعيل الاتفاقية رقم 87.
- إعادة النظر في مشروع قانون الاضراب الذي يبدو متناقضا مع الاتفاقية، حيث أن المصادقة على هذه الاتفاقية يوفر مناخا قانونيا ملائما لتفعيل مقتضياتها.
Soyez le premier à commenter