يقضي الكاتب والباحث والأستاذ الجامعي عبد الله ساعف، أيام الحجر الصحي موزعا وقته ما بين القراءة والكتابة وترتيب ملفاته وأوراق مكتبته، دون أن ينسى موعده مع رياضته اليومية قبل مغرب كل يوم.
ويقول الساعف، الذي اشتهر أكثر بتقاريره الإسترايجية حول المغرب وموقعه في خارطة السياسات العالمية، إن الأزمة الحالية وتبعاتها ستؤثر لا محالة على مستقبل المغرب، وعلى علاقاته بمحيطه الإقليمي والدولي.
ويرى الساعف أن دور الدولة الذي أعادته هذه الأزمة إلى البروز بقوة، سيتقوى مستقبلا، وأولويات الدولة يجب أن تركز أكثر على قطاع الصحة، وتعيد الإعتبار لسياسة التخطيط.
وفيما يلي نص الحوار:
ماذا يعني لك الحجر الصحي؟
لا يختلف عن الأيام بين القراءة والكتابة وإعادة ترتيب الملفات والأوراق وتنظيم المكتبة والرياضة قبل مغرب كل يوم، ومناوبة بين القهوة والشاي والأفلام. لكن القراءة بكثافة أكثر وتركيز أقوى.
ما الذي يشغلك في القراءة ومشاريع البحث في زمن الحجر الصحي؟
عدت لقراءة جل مؤلفات أنور كامل، ونوستالجيا سارتر وسيمون، بعد أن كان مشروع حلم. قررت أن أعود إلى هاته الكتب. وكانت مناسبة قرأت فيها الكلاسيكيات وبعض كتب المنطق لدى أرسطو واليقين فيد كينشاطين، وهي قراءات مؤجلة، تمت إعادة قراءتها، وشعرت بأنه ضروري العودة إليها.
أما بخصوص مشاريع الاشتغال في الكتابة، فأشتغل على التزامات كان تنفيذها متأخرا. يتعلق الأمر بدراسة حول الصين والمغرب الكبير، ودراسة ثانية حول كوريا الجنوبية والمغرب الكبير . كانت سلسلة دراسات لطرح سؤال المغرب الكبير ومشاكله، وماذا عن علاقتها بالقوى الأساسية في العالم.
من قبل ، أنجزت دراسات حول روسيا والمغرب، والهند والمغرب، واليابان والمغرب، وسأكمل لاحقا بالولايات المتحدة والمغرب والاتحاد الأوربي والمغرب. هو مشروع مرتبط بالاستراتيجية والعلاقات الدولية وموقعها في عالم اليوم.
وإذا أردنا أن نتكلم عن المغرب، ينبغي أن لا نبقى سجناء العلاقات البينية بين دول المنطقة. علينا أن نرى أساسا ما تعني هاته المنطقة عالميا اليوم، وفي هذه المنطقة بالضبط.
مشروع آخر ذو طابع روائي، يتعلق بمقارنة بين شباب السبعينات وعلاقاتهم بالقضايا الأساسية للمنطقة ، وشباب 2014 وما جرى في سوريا والعراق. وما الذي يميز المسارين والاختلافات بين الجيلين؟ وما الذي وقع؟. وأنا في قلب هاته المغامرة أتخبط فيها.
هذان ورشان كبيران يأخذان مني الوقت الضروري الذي أخصصه للكتابة، دون أن أغفل الأعمال الجامعية، حيث أصحح للطلاب أطروحاتهم الجامعية وأدون الملاحظات ولدي ما يكفي من الوقت.
أيضا قمت بتسجيل الدروس عن بعد لفائدة كلية الحقوق بأكدال في موضوع “تحليل السياسات العمومية” بأرضيته الرقمية، ولفائدة ماستر معهد الصحافة حول “السوسيولوجيا السياسية” في صيغته الرقمية.
ونحن نعيش الحجر الصحي وفي نفس الوقت خطر وباء كورونا. ما الأشياء التي كشفت عنها هاته الأزمة. وكيف تنظر إلى المستقبل؟
ما كشفت عنه الأزمة هو دور الدولة كحامية للمجتمع، فقد ظهر دور الدولة بارزا في هذا الاتجاه، أي في اتجاه حماية الحياة بمعناها الفيزيائي، وداخل اهتمامات الدولة لحماية حياتنا ظهرت مركزية قضية الصحة، التي لم تكن في مركز السياسات العمومية.
لذلك أعتقد أنه بعد ما يجري اليوم، سيقع نوع من ترتيب الأولويات، وستكون الصحة العمومية هاجسا في الحكامات وفي السياسات العمومية، إلى جانب قضايا التخطيط من ناحية الإنتاج والتموين والتوزيع، التي ستكون أساسية لفك الارتباط بالخارج نحو مزيد من الاستقلالية حسب ما تسمح به التوزانات.
يظهر أيضا أنه من الممكن خلق فضاءات وهوامش كبيرة لاستقلالية الفعل ومسألة المجتمع، والعيش المشترك ممن أن يتطور ويتحسن.
كما أن خريطة القوى الصديقة والحليفة والداعمة ظهرت في عز هذه الأزمة، وأعتقد أن امكانيات التعاون معها ستعرف تغيرات مستقبلا. ومن السابق لأوانه التنبؤ في أي اتجاه إن مع الاتحاد الأوربي أو الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية أو قوى أخرى. فلا يمكن أن نفكر مستقبلا في العيش خارج هاذه التقاطبات بدون أن يفكر في ترتيب أولوياتنا.
– وكيف ستؤثر التجربة الحالية على مستقبل عيشنا المشترك؟
ليس لدي جواب حاسم، أقرأ نزعة التضامن، وبالعكس الفردانية ستزداد، وكل الإمكانيات واردة. كما أنه ليس هناك سيناريو أقوى من سيناريو آخر.
https://lakome2.com/interview/174778
Soyez le premier à commenter